accessibility

الكلمة الترحيبية

المؤسسة التعاونية... إنطلاقة جديدة تواكب التحديث

يُعدُّ القطاع التعاوني الذي تُمثل فيه التعاونيات العماد الأساس لتضافر جهود الأفراد الذين التقوا طواعيةً على إقامة مشروعٍ مشتركٍ بتمويلٍ ذاتي لتحسين واقعهم المعيشي وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ رديفاً للقطاعين العام والخاص باعتباره قطاعاً ثالثاً، وجزءاً لا يتجزأ من منظومة الاقتصاد الاجتماعي التضامني.

إن هذا القطاع بكل مكوناته يستند في هويته التعاونية إلى مبادئ وقيم عالمية أقرتها الدول الأعضاء في التحالف الدولي للتعاونيات (ICA) بما في ذلك الأردن، وتلك المبادئ والقيم بطبيعتها عابرةٌ للحدود تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والدول في ذات الوقت، بالإضافة إلى فتح الآفاق نحو تبادل الخبرات والثقافات.

ولأهمية التعاونيات في المجتمع الأردني، صدر أول تشريع تعاوني في العام 1952 ، وبموجبه أنشئت دائرة الإنشاء التعاوني في وزارة الإنشاء والتعمير آنذاك، ليتبعها تأسيس أول جمعية تعاونية للتوفير والتسليف الزراعي في لواء الأغوار الجنوبية في العام 1953، وهي "جمعية غور المزرعة وحديثة للتوفير والتسليف".

لقد حظيت الحركة التعاونية الأردنية باهتمامٍ ملكي ما زال موصولاً حتى يومنا، إذ لم تتوانَ القيادة الهاشمية الحكيمة عن دعم التعاونيات في مناطق البادية والأرياف والأطراف، وتوجيه الحكومات المتعاقبة بإيلاء القطاع التعاوني أهمية كبرى لما له من أدوار متعددة في التنمية، والقدرة على التكيف والمرونة مع كافة الظروف وشرائح المجتمع على مختلف الصُعُدِ، الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية.

لذلك كُلِهِ كانت التعاونيات من بين أولويات رؤية التحديث الاقتصادي، والتي بدورها أكدت ضرورة العمل على تأسيس منظومة الجمعيات التعاونية والاتحادات الزراعية، وبما ينسجم مع مقتضيات الخطة الوطنية للزراعة المستدامة (2022-2025)، والتي نبهت إلى أهمية تطوير نظامي الجمعيات والاتحادات التعاونية. وضمن مسار التحديث، ووفقاً لخطة تطوير القطاع العام التي تبنتها الحكومة، وجاءت متناغمةً مع مخرجات الاستراتيجية الوطنية للحركة التعاونية الأردنية (2021-2025)، بضرورة إعادة هيكلة المؤسسة التعاونية الأردنية بالشكل الذي يضمن رفع وتحسين كفاءتها، وتعزيز دورها التنموي، وبالتالي زيادة مساهمة التعاونيات في التنمية المحلية في ظل تصنيف التعاونيات بين زراعية، ومتعددة أغراض، إسكانية، ونسائية وشبابية، وحرفية، وغيرها، فضلاً عن تطوير الأنشطة الزراعية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، عملت المؤسسة على تعديل التشريعات الناظمة للعمل التعاوني لتوفير بيئة مواتية للتعاونيات، ولأجل تأسيس صندوق التنمية التعاوني كنافذةٍ تمويليةٍ، وإعادة إحياء معهد التنمية التعاوني لبناء القدرات على صعيد التعاوينات والأفراد بالإضافة لكوادر المؤسسة.

هذا التحديث المستمر الذي تقوده الدولة الأردنية نحو تطوير قطاعٍ عامٍ مستدامٍ، ومتطورٍ، وممكّنٍ، ومؤهلٍ لتولي مهامه بكفاءةٍ وفاعليةٍ، ويُلبي احتياجات المواطنين، اقتضى من المؤسسة التعاونية، سرعة الاستجابة لتلك المتطلبات، ومواكبة رؤية التحديث الاقتصادي، وخطة تطوير القطاع العام على حدّ سواء، وبالسرعة القصوى والإمكانات المتاحة، والعمل كذلك على أتمتة خدمات المؤسسة بالشراكة مع منظمة العمل الدولية (ILO)، وإعادة تأهيل مركز التدريب التعاوني بدعمٍ من منظمة (MERCY COORPS) وفقاً لأحدث الأنظمة التقنية، وتطوير البنية التحتية للمؤسسة، وتوفير بيئة مناسبة لموظفيها بما يتوافق مع أهداف المرحلة الجديدة من عمر الدولة الأردنية في مئويتها الثانية.

هذه الإجراءات التحديثية ما كانت لتتم دون دعمٍ وتوجياتٍ من مجلس إدارة المؤسسة التعاونية الأردنية برئاسة معالي وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات؛ خاصةً وأن القرارت المتخذة من قبله ترمي إلى النهوض بالقطاع التعاوني، وتصب في خدمة الجمعيات التعاونية وأعضائيها وليس آخرها تخفيض رسوم تأسيس التعاونيات بنسبة تراوحت بين (50- 75%). وها نحن نسير بخطىً ثابتةٍ في مسيرة تحديث المؤسسة التعاونية مع إنجاز تطوير الموقع الإلكتروني بحُلتِهِ الجديدة، وإكمال المهمة على أفضل وجهٍ بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، تقنياً، وفنياً، لذلك فالشكر الموصول لكل من تضافرت جهودهم لأجل هذه الغاية، ولتحقيق تطلعاتنا في مواكبة كافة المستجداتِ والرؤى وخطط التحديث والتطوير لأردنٍ الغالي في ظل الراية الهاشمية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني المفدى وولي العهد الأمين سمو الأمير الحسين، حفظهما الله ورعاهما.

مدير عام المؤسسة التعاونية الأردنية
عبدالفتاح محمد الشلبي

كيف تقيم محتوى الصفحة؟